المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عودة الغائب


متابع
2008, 10:43 PM
عودة الغائب

قصيدة : د/ عبد الله بن صالح العثيمين من ديوانه[ عودة الغائب ]
كتب هذه القصيدة بعد عودته من دراسته في " اسكتلندا " إلى بلدته عنيزة سنة 1972م


طربت..ماذا على المشتاق إن طربا = لما دنت لحظات نحوهن صبـا

أرستْ على مدرج الأمجاد طائرتي =وموعدي مع أحلامي قد اقتربا

حيث التي أسرت قلبي تعانقـني =وتمسح الهمّ عن عينيّ والتّـعبـا

كم قد مكثت بعيدا عن مفاتنهـا = أغالب السّهد في "سْكتلند"مغتربا

وكم بعثت أناشيدي لأخبرهـا = أني على العهد طال الوقت أم قربا

لواعج الشوق كم كانت تؤرّقني = وكامن الوجد كم أذكى دمي لهبا

من كان مثلي بالفيحا تعلّـقـه = فلا غرابة إن عانى ولاعـجـبا

أحلى العرائس مامن عاشق لمحت = عيناه فتنتها إلا لهـا خطـبا

تنام مابين جـالٍ كلّـه شمـم = وبين كثبـان رملٍ كلّهنّ إبـا

وإن تأمّـلت أزيـاءً تتيـه بهـا = رأيت من بينها البرحيّ والعنـبـا

حبيتي أنت يا فيـحـاء ملهـمتي = ماخـطّـه قلمي شعراً ، وما كتبا

رجعتُ من غربتي كي أستريح على = ربـاً لدى قلبي المضنى أعـزّ ربا

مابينهنّ عرفت الأنس في صـغـري = وفوقهـنّ عرفت اللّـهـو واللعبا

هـنا سمـعت أهازيـجـاً مرتّـلةً= وعشت أيّـام أشواقٍ وعهد صبا

هـنا سـجلاّت تاريخٍ تحدّثـني = بما يطيب عن الماضي الذي ذهـبا

تعيد لي صورة " الهـفّوف " كامـلةً = الناس ، والشارع المسقوف ، والعتبا (1)

ومُـتعَـبا قصد " المشراق " في دعـةٍ = وظامئاً من " سبيلٍ " عُلّـقتْ شربا (2)

وصـورتي كلّ يومٍ حـاملاً بيدي=إلى العزيزيّـة الكرّاس والكـتـبـا

ومعهداً كان لي فيـه سـنـا أمـلٍ = وإخوةٍ جمعـوا الأخلاق والأدبـا

غابوا ، كما غبتُ ، عن أركان مسرحه = ومزّقتـهم ظروفٌ دبّـرت إربا

فـواحدٌ ضـاع في أعماق وحدتـه= وآخـر عن قوافي شعـره رغـبا

وثـالث حـزّ في نـفـسي تغيّـبه = وإن يكن لذرا الأمجـاد قد طلبـا

مازلت مثـل كثـيرٍ من أحبّـتـه = ليـوم عـودتـه المـأمـول مرتقبا

حبـيـبتي أنـت يافيحـاء معذرةً =أن جاء وصفي لـما في النّفس مقتضبا

فمـا وُهِـبتُ خـيالاً في تـدفّـقـه = يطـوي المسافـات حتى يبلغ الشـهبا

ولاوُهِـبتُ يـراعـاً من شمــائـله = أن يستجيب لقلـبي كلّـما طـلـبـا

في مهـجـتي الودُّ أصـفـاه وأعذبه=لسحر عينيك ضاق النطق أم رحـبا


--------------------------------------------------------
(1) الهفّوف .. بتشديد الفاء الأولى , من أحياء عنيزة كانت تقيم فيه أسرة الشاعر .
(2) السبيل .. قربة مملوءة ماء تعلق في الشارع ليشرب منها الظامؤون.