موجهة إلى الصديق الأستاذ حمد العبدالله العقيل:
أبا حاتم إن الكريم تؤمّه=جيوش من الطلاب للعلم والجدا
وأنت الكريم الفذ يُرجى نواله=وجئتك أرجو النصح لا أطلب الندى
أتيتك مهموما حزينا مروّعا=أعيش بقلب نصفُه غاله الردى
أساهر ليلى والهموم جليستي=أقلب طرفا في السماء مُرَمّدا
وأنظر في غير اتجاه كأنني=وقد زاغت العينان مَيْتٌ تمدّدا
يخاطبني من كان قربي فأنثني=كأنيَ لم أُبصر ولم أسمع النِّدا
ففكريَ مُنْشلٌّ وعقليَ مُغلقٌ=وروحي كأن الحزن ألقاها من (شدا)
طَويتُ على ضلع هزيل مقرّحٍ=جراحا يصيح الشوق فيها بلا صدى
طُعِنْتُ برمح العنف والشك غافلا=فيا لك من رمح قتلتَ مسدّدا
ويا له من حب تهدم صرحه=ويا له من ظلمٍ أمات وشرّدا
أفكِّرُ في صبحي وظهري وليلتي=أفتّش للأخبار عن ظل مُبتدا
وأبحث عن عذر يزيل غشاوتي=ويقضي على شك بقلبي ترددا
فلا شيءَ غيرُ الآل يبدو لناظري=ولا شيءَ غيرُ الهمِّ بات مجدَّدا
وأَقتَلُ شيءٍ للكريم إهانةٌ=وسخريةٌ بالقول خالفها الهُدى
ولومٌ وتقريعٌ على حين غفلة=ومثلي أبيٌّ لا يبيت مهدّدا
(فلاعبرت بي ساعة لا تعزُّني=ولا صحبتني مهجةٌ تقبل) الفدا
أبا حاتم إني قُتِلت وأهرقت=دمائي على نطع الهوان تعمُّدا
فخذ لي بثأري من حبيب أماتني=وخنجرَه في القلب أمضى وأغمدا
ترقب له عند المغيب وسُحرةً=تجده على حد الغدير مفرّدا
له لفتة فيها الجمال ممثّلا=وخدّ كخد الورد حين توردا
وعين تذيب القلب روحا ومنظرا=ومنها يؤوب الشوق مُغرىً مصفدا
وشَعْرٌ كليل المُظلمات مُسرّحًا =فياله من شعر كثيف وأسودا!
وجيدٌ كلون الروب أبيضُ ناصعٌ=وساقٌ يسوق المهلكات مجرَّدا
وقَدٌّ .. كَلِين الخيزران وإن بدا=لمحفل شركٍ خرّت القومُ سجّدا
وصوتٌ كهمس الريح يحيى به الهوى=مَليكٌ على من كان أهيفَ أغيدا
وضحكتُه تسبي العقولَ بسحرها=ومشيتُه فيها تثنٍّ إذا غدا
وكن حَذِرًا للريم فهو مُدجَّجٌ=بكل سلاح يترك الجَلْد مُقْعَدا
وهذا رد ابي حاتم:
بُحُوْرٌ مِنَ اْلْبِلَّوْرِ ضَاْءَتْ لَهَاْ سَنَاْ=عَلَىْ كَوْكَبِ اْلْدُّرِّ اْلْمُضَمَّخِ بِاْلنَّدَىْ
تَعِيْشُ بِهَاْ اْلْحِيْتَاْنُ وَاْلْسُّفْنُ فَوْقَهَاْ=تُسَبِّحُ تَسْبِيْحَاً لِرَبِّيْ لَهُ صَدَىْ
وَتَسْبَحُ أَطْيَاْرُ اْلْفَضَاْءِ وَقَدْ عَلَتْ=إِلَىْ اْلْسُّحْبِ بِاْلأَلْوَاْنِ أَبْيَضَ أَسْوَدَاْ
وَتَحْمِلُ أَخْبَاْرِيْ وَكُلُّ مَقَاْصِدِيْ=عَلَىْ ظَهْرِ خَيْلٍ لِلْمَحَبَّةِ أَجْرَدَاْ
وَأَسْعَدُ فِيْ لُقْيَاْ اْلْصَّدِيْقِ وَشِعْرِهِ=فَأَبْدُوْاْ بِحَاْلٍ كَاْلْمُتَيَّمِ إِنْ بَدَاْ
أ ( رُوْحٌ ) أَتَيْتَ اْلْيَوْمَ تَشْكِيْ ظَلِيْمَةً=مِنَ اْلْحُبِّ أَوْ مِنْ مَاْ تَضِيْقُ بِهْ يَدَاْ
أَتَشْكُوْ إِلَىْ مِثْلِيْ وَمِثْلِيْ مُتَيَّمٌ=يَذُوْقُ مِنَ اْلْوَيْلاَتِ مَاْ كَاْنَ اَبْعَدَاْ
وَصَفْتَ فَرَقَّ اْلْقَلْبُِ مِن هَوْلِ مُشْكِلٍ=لعلي بِهَذَاْ اْلْخَطْبِ أبْعِدُ كُلَّ دَاْ
فَيَاْ شَاْكِيَاً تُبْدِيْ إِلىََّ تُحِيْلُ لِيْ=لَوَاْعِجَ حُبٍّ بِاْلْجِرَاْحَاْتِ قُدَّدََاْ
فَمَهْلاً تَمَهَّلْ عَلَّ أَلْقَىْ وَسِيْلَةً =تُخَلِّصُ عَيْنَاً أَرْمَدَتْ أَنْ تَرَمَّدَاْ
إِذَاْ كُنْتَ فِيْ مَاْ قَدْ مَضَىْ فِيْ تَحَيُّرٍ=اْلْحُبِّ وَاْلْوَيْلاْتُ صَاْرَ لَهَاْ مَدَىْ
وَتَأْنَفُ يَاْ صَاْحِيْ مِنَ اْلْلَّوْمِ سَاْعَةً =وَتَأْبَىْ عَلَىْ اْلْقَوْلِ اْلْمُجَرِّحِ إِنْ بَدَاْ
فَأَنْتَ كَرِيْمُ اْلْنَّفْسِ وَاْلأَمْرُ وَاْقِعٌ =عَلَىْ كُلِّ مَنْ يَأْبَىْ اْلأَذِيَّةَ وَاْلْرَّدَىْ
فَهَذَاْ لَعْمْرِيْ حَاْلُ كُلِّ مُعَزَّزٍ =وَلَمْ يَعْتَدِ اْلْذُّلَ اْلْمُسَيْطِرَ (سَيِّدَاْ)
وَإِنّيْ وَأِنْ كُنْتُ اْلأَسِيْرَ لِحُبِّهِ=لأصبر صَبْراً أُبْدِ فِيْهِ تَجَلُّدَاْ
وَأُظْهِرُ أَنِّيْ لَسْتُ بِاْلْجُرْحِ آبِهاً=وَأَنِّيْ رَفِيْعُ اْلْقَدْرِ َلا أُظْهِرُ اْلْجِدَاْ
وَأَرْقُبُ حَتَّىْ يَعْرِفُ اْلْخِلَّ قِيْمَتِيْ=فَحِيْنَئِذٍ أَجْنِيْ ثِمَاْرِيْ بِهَاْ نَدَىْ
وَأَمَّاْ طُعُوْنُ اْلْحُبِّ فَاْلْصَّبْرُ دُوْنَهَاْ =وَأَكْظُمُ آلاْمِيْ وَأُصْخِيْ إِلَىْ اْلْحِدَاْ
لأَنِّيْ إِذَاْ مَاْ كُنْتُ بِاْلْحُبِّ شَاْكِيَاً=أرى أَنَّ خِلِّي قَدْ يَزِيْدُ تَشَدُّدَاْ
فَصَبْرَاً أَخِيْ مِنْ ضَاْئِمِ اْلْدَّهْرِ إِنَّمَاْ =مِنَ اْلْصَّبْرِ تَجْنِيْ ..وَالْنِّكَاْيِةُ لِلْعِدَاْ
سَتَهْنَأُ يَاْ صَاْحِيْ إِذَاْ كُنْتَ غَاْفِلاً=عَنِ اْلْقَوْلِ أَعْطَىْ لِلْعَذَاْبَاْتِ مَوْعِدَا
وَتُصْبِحُ مَرْغُوْبَاً إِذَاْ لَمْ تَمِلْ لَهُ=كَثِيْرَاً ، وَإِنْ تُبْعِدْ يُنَاْدِيْكَ بِاْلْنِّدَاْ
وَتُمْسِىْ قَرِيْرَ اْلْعّيْنِ وَاْلْخِلُّ يَشْتَكِيْ=إِلَىْ مَنْ يُوَاْسِيْهِ وَيُصْبِحُ مُجْهَدَاْ
يَذُوْقُ كَمَاْ قَدْ ذُقْتَ مِنْ شِدِّ لَوْعَةٍ =وَيَشْكُوْ كَمَاْ قَدْ كُنْتَ تَشْكُوْ مُفَنَّدَاْ
فَعِشْ سَاْلِمَاً مِنْ كُلِّ هَمٍِّ وَلاْ تَهِنْ=فَإِنَّ هَوَاْنَ اْلْنَّفْسِ قَدْ يَجْلِبُ اْلْرَّدَىْ
تَجَلَّدْ وَلاْ تًظْهِرْ إِلَىْ اْلْنَّْاْسِ شَكْوَةً=فَمَاْ فِيْ ْاْلشَّكَاْيَاْ مَاْ يُفِيْدُ عَلَىْ اْلْمَدَىْ
حمد بن عبدالله العقيل
4/10/1431هـ