حلوان الحلوان أم حمد المغيولي ؟
قبل عامين تقريبا اتصل بي أحد الأصدقاء , وقال لي : لمن قصيدة (صواريخ سام)
التي غناها سلامة العبدالله رحمه الله قبل مايزيد على ثلاثين عاما ؟ فقلت بكل ثقة :
لحمد المغيولي رحمه الله . فقال : ليست للمغيولي ! وبعد فترة سألت الصديق ماجد المغيولي
عنها فقال إنها ليست لأبيه .. وبعد فترة تبيّن لي أنها لشاعر اسمه (حلوان الحلوان)
وبعد استقصاء تبين أن سلامة غنى لحلوان هذا قصيدتين أخريين هما (انهض حجاجك وسلّم)
و(ألا واعذابي من هموم وغرابيل) .. وهذه الأخيرة نسبها خطأ الأستاذ محمد الهزاع في الصفحة
(181) من الجزء الأول من كتابه التوثيقي (طلبة مهنا ..) لحمد المغيولي . كما نسبت اللجنة
الإعلامية لدار عنيزة للتراث الشعبي , كلا من (صواريخ ..) و(انهض حجاجك وسلّم)
إلى حمد المغيولي , في نشرة غير رسمية تضم عددا كبيرا من قصائده بعد وفاته بسنة تقريبا
والحق أنهما لحلوان الحلوان لا لحمد المغيولي .. ولدي تفسير ربما يكون له وجه من الصحة
في توجيه هذا الخلط .. وهو أن تلك القصائد الثلاث أخرجها سلامة في شريط واحد مع عدد من
قصائد حمد المغيولي , أذكر منها إن لم تخني الذاكرة (تعزّيت ..) و(ألا واهني اللي ..) فظن
الناس أن جميع أغاني الشريط من كتابة حمد المغيولي .. والشريط الذي ظهرت فيه تلك الأغاني
صدر في منتصف التسعينيات الهجرية , بعد اندثار عصر الإسطوانات .. وربما سُجّلت تلك الجلسة
في (استريو باريس نجد) في عنيزة , الذي غير اسمه فيما بعد إلى (استريو صبا نجد) لست متأكدا
لكن وقت ظهور الشريط كان يمثل فترة ارتباط شبه رسمي بين سلامة وذلك الاستريو ..
والذي دعاني إلى كتابة هذا الموضوع زيادة على التوثيق , هو محاولة التعرف الشاعر المجهول
حلوان الحلوان .. وشاعر يشرّح المشاعر الرومنسية بمثل هذه الرقة في وقت أهم سماته
الجلافة فيما يتعلق بالعلاقات العاطفية , جدير بالبحث عنه والتعرف عليه وعلى إنتاجه
وهل هو من عنيزة أم من غيرها ؟ خصوصا أن هناك أسرة فيها اسمها (الحلوان) ..
وفي قوله :
كل ما طاب جرحي (تجرحن) من جديد = لا تعذب فؤاد تسكنه كم عام
ما يؤيد أنه من القصيم أو من شماله على الأقل , فما بين القوسين هي لهجة تلك المناطق
ولعلمي بالصلة الكبيرة التي تجمع بين شاعرنا محمد العبيدالله والمرحوم سلامة العبدالله
وهو بالمناسبة يحتفظ بمعظم إسطوانات سلامة , فقد سألته عن هذا قبل سنوات طويلة فأجاب
بالإيجاب , ولست أدري هل ما تزال تلك الإسطوانات بحوزته أم عدت عليها عوادي الزمان
اتصلت بأبي أحمد , وقلت له : من هو حلوان الحلوان ؟ فقال : سبق أن طرحت السؤال نفسه
على سلامة بعد ظهور ذلك الشريط مباشرة : من هو حلوان الحلوان ؟ فقال : إنه شاعر
من الرياض . وقال لي أبوأحمد : وأنت تعلم أن معظم سكان الرياض ليسوا منها , فلعله
من أهلها استيطانا لا منشأ .. فقلت صدقت . ثم سمعني أحد الأصدقاء وأنا أحادث أبا أحمد
فاتصل بالفنان صالح الجبري , وهو من عشاق سلامة المقربين , ثم أعطاني التلفون
فتحدثت معه مباشرة , وطرحت عليه السؤال : من هو حلوان الحلوان ؟ فقال : هو شاعر
من أهل المجمعة الذين استوطنوا الرياض . هذا كل مالدي من معلومات عن حلوان الحلوان
فهل يتكرم علينا العارفون ممن يقرأون هذا الموضوع بتعريفنا بالشاعر حلوان الحلوان
وهل هو مايزال على قيد الحياة , أم أنه متوفى ؟ وهل له إنتاج شعري منشور ؟ وهل غُنّي
له غير هذه القصائد ؟ وهل هو من المجمعة حقا , أم من بلد آخر ؟ .. إلخ
ورغبة في إتمام الفائدة هذه القصائد الثلاث التي نسبت لحمد المغيولي , والصحيح أنها لحلوان الحلوان :
صواريخ سام
صواريخ سام اللي تهدد بها العينين = هدفها القلوب تصيبها بالميه ميه
ولا تنتظـلّل كل فتّان فيه اثنين = خلقها الله المعبود ماهيب روسيه
وانا أطلق عليه من ردى الحظ صاروخين = وصابن هدفهن واشعلن نارهن فيّه
عطيبٍ صوابي وين انا والسلامه وين = رمتني بدرب معذب الناس رجليه
علي الحال جال وحام واشرف غراب البين = وهدّد حياة اللي عيونه شقاويه
رميت السلاح وقلت يا ناعس الطرفين = لك الروح يا روحي لروحك فداويّه
تصرف بحالي والله اللي عطاك الزين = وجودك وشوفك من عذاب الهواويه
بديعٍ بهاك وفيك من زين حور العين = الا ليت من سمّاك .. سمّاك حوريه
جمعني معك حرفين يا مورد الخدين = مْجمِّع دروب اهل الهوى الحب في غيه
ملكني هواك ولك عليه بعمري دين = ما ادوّر بديلك يا عيون النداويه
لك الامر كله سوبي ما تبي يا زين = اسيرك وطوع امرك عسي فيك ماويه
لعلك تبدل سطوتك والقسا باللين = وحنّا ولو طال الزمن بك غلاويه
* * *
أنت لذة حياتي
انهض حجاجك وسلم ولو من بعيد = روح روحي تكرّم لو برد السلام
أنت مظنون قلبي والحبيب الوحيد = وأنت لذة حياتي والهوى والمرام
أتردد بحيّك مثل ساعي البريد = داعي الحب يجذبني وشوق وغرام
شوق واخلاص واعجابٍ وحبٍّ أكيد = انمزج في عروقي واللحم والعظام
جرحك اللي بقلبي كل يومٍ يزيد = واتصبّر وأنا حالي طواه الهيام
كل ما طاب جرحي تجرحن من جديد = لا تعذب فؤادٍ تسكنه كم عام
لا طبيبٍ يداوي لا علاجٍ يفيد = أنت داي ودوايا يا حسين القوام
مستبدٍّ بقلبي تفعل اللي تريد = وتْعزيري وقتلي يا غناتي حرام
دايم في عذابُ وتْهَديد وعيد = من عيونك ولحْظك راح قلبي عدام
والعواتق وجيدك يالغزال الفريد = طلعتك لي تجلت مثل بدر التمام
سحر زينك أسرني منه ماني محيد = والشفايا العْذابُ ونظرةٍ وابتسام
آه لو كان قلبي من حجر وحديد = كان يمديه ذاب واحترق من شمام*
* شمام : بسرعة , يقال : أخذها شمام إذا اختطفها بسرعة
* * *
ألا واعذابي
ألا واعذابي من هموم وغرابيل = غرابيل لاعتني سنينٍ طويله
أنا المبتلى المحتار بالحيل بالحيل = من اللي جرى للقلب واعزتي له
وأنا اللي عيوني كل ما يقبل الليل = تهلّ الدموع وماش باليدِّ حيله
على أبوعيون وساع سودٍ مظاليل = مظاليل تفتن بالرموش الظليله
منوّل يجيني منه رد المراسيل = وذا الحين صدّ وسد باب الوسيله
متى يامرون بفتح باب المواصيل = تهنّى عيوني بالعمر بس ليله
جرى لي من الحرمان ويل ٍ بثر ويل = ولا لي مجيب لو شكيت الجديله
زمان ظلمني ما أنْصفَ العدل والميل = تنحى بعدله وابتلاني بشيله
أنا عفت مما شفت من نافل الجيل = وقفّى وأنا قفيت روحي عليله
2007, 11:00 PM
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
