عبدالله السليمان بن حسن (الخال )
1326 ـ 1408هـ
هو عبدالله السليمان بن حسن , من النواصر من تميم , ولد في عنيزة سنة 1326هـ , ونشأ وترعرع فيها ,
وغادرها لأول مرة سنة 1341هـ , لطلب الرزق , فعمل في الغوص لمدة سنتين , وفي العسكرية لمدة خمس سنوات ..
وبعد أن ترك العسكرية أخذ في التنقل والترحال بين عدد من مدن المملكة , والأقطار العربية المجاورة سعيا وراء طلب المعيشة ,
إلى أن عاد في السبعينيات الهجرية إلى مسقط رأسه عنيزة , واستقر بها , وعمل بعد عودته في بلدية عنيزة ,
إلى أن ترك العمل سنة 1390هـ بسبب فقد بصره الذي اضطره إلى السفر إلى الخارج بحثا عن العلاج , فسافر إلى الهند ومصر ..
ولكن بلا طائل . توفي رحمه الله عام 1408هـ . ولا شك أن هذا التنقل وتحمل تلك المشاق قد أضافا إليه خبرات حياتية متعددة .
كان رحمه الله صديقا للشعراء , يستقبلهم في منزله بعد ن لزم بيته في نهاية حياته , وكنت بحكم كوني صديقا لابنه حمد
على وجه الخصوص وأحمد ومحمد على وجه العموم أشاهد زواره يفدون عليه كل وقت وعلى الأخص وقت الظهيرة ,
وأبرز من كان يزوره (صناجة عنيزة) الراوية الأعظم للشعر النبطي المرحوم عبدالرحمن البراهيم الربيعي ,
صديقه القريب , والخال هو من أطلق هذا اللقب على الربيعي , والصناجة مأخوذة من الصنج وهوآلة موسقية , صفيحة مدورة
من النحاس يُضرب بها على أخرى , وهذه الآلة لا تستعمل حاليا إلا في الفرق العسكرية كما أظن , وتطلق كذلك على
الصفائح الصغيرة التي تُثبّت في أطراف الدف لتصدر صوتا موسيقيا مع صوت الدف , وهي ما يسميه العامة (الشلش) ,
وتطلق كذلك على الصفائح النحاسية الصغيرة التي تُثبّت في الأصابع وتضُرب إحداها في الأخرى , والصنّاج اللاعب بالصنج ,
والصنّاجة مبالغة صنّاج . والمقصود بالصناجة في الاصطلاح الشاعر جيد الشعر الصالح للتغني به .
و(صناجة العرب) لقب الشاعر الجاهلي الأعشى (أعشى قيس) .
والخال رحمه الله أطلق هذا اللقب على الربيعي إعجابا بشخصيته الأدبية ,فقد كان رحمه
زيادة على سعة اطلاعه , وضبطه ودقته في روايته وإحاطته وحفظه الموثق لدواوين كثير من الشعراء ,
كان شاعرا متمكنا . وأظن أن لقب (أصمعي الشعر النبطي) أكثر دقة في وصفه , فهو وإن كان رحمه شاعرا ,
إلا أن شهرته التي طبقت الآفاق لم تكن مقوماتها شاعريته بقدر ما هي كثرة مروياته الموثقة التي حفظت كثيرا من التراث الشعبي ,
وإذا كان المرحوم منديل الفهيد قد أسهم بصورة كبيرة في حفظ التراث الشفهي المروي , فإنه يختلف عن الربيعي بكونه
اعتمد حفظ القصص والقصائد الفردية , بينما الربيعي اعتمد على توثيق الدواوين الكاملة , ومعظم ما حفظه منديل من التراث الشعبي
كان بدوي الصبغة , والربيعي أكثر ما حفظه دواوين شعراء الحاضرة . فهما حفظا التراث الشعبي شعره ومروياته
كما حفظ االأصمعي والأعلم الشنتمري والمفضل الضبي وأبو حاتم السجستاني .. وغيرهم , التراث العربي الشفهي شعره وقصصه .
يتميز شعرالخال بالجودة والشمول , فقد نظم في كافة الأغراض الشعرية , بمقدرة وكفاءة , ويعرف بين أصدقائه ومحبيه باسم (الخال) ,
ولذا فإنه كثيرا ما يبدأ قصائده بهذا اللقب , كقوله :
يقول الخال يوم إنه تمنى . . وهو بين المحرق والمنامة
بجسر والبحر منّا منّا . . ألا ياالله طالبك السلامة
وقوله :
عذّب الخال دقّات بقلبه خفية . . عند غيري وعندي كنّه النجم هاوي
من أجمل قصائده وأصدقها عاطفة تلك التي وجهها لأبنائه بعد فقده البصر ومطلعها :
ضاقت علي الوسيعة يانظر عيني . . من قل شوفي وأنا بالبيت منهاني
خلف عددا من الأبناء والبنات , وأبناؤه الذكور هم سليمان وأحمد ومحمد وحمد ويوسف وفهد ..
وأرجو ألا أكون نسيت أحدا منهم . وابنه محمد شاعر معروف في القصيد والرد , جزل لا يقل مكانة عن أبيه .
له ديوان مطبوع سنة 1403هـ , وقد كتب مقدمته الأستاذ عبدالرحمن البطحي , ومنها كتب هذا التقديم بتصرف , وأضفت إليه .
وفي ذيل الديوان وضع ترجمة للشاعر الكبير المرحوم ابن دويرج وسبعا من قصائده , وكان له علاقة متينة بابن دويرج رحمهما الله ,
وإن لم يخب ظني فإنه كان بمنزلة الراوية لشعره .