رسالة إلى ابنتي
كنتِ طفلة صغيرة
تجهلين الحياة
وتعلمين براءة الطفولة
بين لعب
وبكاء
وابتسامة رضى
كنت كشمعة لليلنا
وزهرة تتراقص في نهارنا
حينما نظرت إليك أول مرة
وقبلت عينيك
ودعوت لكي
صغيرتي
وجميلتي
تعلمت الحروف
والأرقام
وكتبت لك حينها
احلامنا كبيره يا روضتي الصغيره !!
وهربت منا الأيام
يا حبة الروح
تأخذ منا العمر
وتهبنا أقدارنا
والقناعة والرضا
كنزان لا يجدهما إلا حكيم
وذو لبٍ فهيم
فأسألِي الله الحكمة
وتذكري
للرحمن صفات
أوجد منها نفحا في خلقه
خذي منها ما استطعتِ
ومن الوقت
كل الوقت
فالحياة لا تنتظر
وهي تمضي
وها أنتي تكبرين.
وتكبر أحلامك معك
وفي طريقك تمشين
ربما تعبرين
ربما تتعثرين
ولا بد من الصبر
ولا بد من الذكر
ولا بد من الطهر
ولا بد من الشوك يا أميرتي
في غصون الورد
ولا بد من الضجر أحيانا
هناك متسع للحلم
وهناك شهدٌ
وهناك علقم
فانظري أين هداك
كوني مع ذلك الكائن الصغير
فهو القلب وهو الضمير
اسأليه وانتظري أجوبته
ثم قرري
وتوكلي على الله
يا جميلتي
يا رعى الله قلبك
وأسعد وجهك
وأضاء دربك
لن أقول انك وردة الآن
بل سأقول أنك شجرة
تضيء بألوان الطيف
وعطور الربيع
من شذاك
ولا تنسي
انك كل يوم تكبرين يوما
والحياة تقصر
فالعمر ما قد بقي
والعبرة في ما مضى
اجلسي
وتأملي
وتجملي
فالجمال
صنع الإله
في العمق والظاهر
حينما تنعكس الروح على الزوايا
يكتمل المشهد
ويبدو أروع وأرقى
فالبديع نظرة لعـــين
ومرآة لقلب
مقبل بالحب
مشرق بالإيمان
واهباً بلا منّ
فبين يديك
تحت ناظريك كتاب
فابسطي لذوي ألقربى
ولا تنكري المعروف
وتذكري الموت
فهو رسالة الدنيا الأخيرة
لتبدأ الحياة
وهناك سؤال
وهناك حساب
فما حياتنا بعبث
ولا كنا أبدا أطيافا تمر بلا معنى
فازرعي يا نبتة الفؤاد حبات الخير
في أرض دنياك
واسألِ الله الغيث
يا سيدة الظل
لا تهجري الظل
وأعلمي أن في الحياء فطنة
وفي العفة وقار
وفي الدار مزار
وفي الطريق جوار
وما ستر الإنسان إلاّ زينة
وما فضحه إلا فتنة
فازداني بسترك
يا بسمة لحظاتي
وقد أزف نومي
وفي نومي بعض عمري
وأعلم أني أرحل للمشيب
وأنتي إلى الصبا تقبلين
وكل لحظة تكبرين
تصبحين على خير
ورحمات رحمن رحيم.