عبدالمحسن الصالح
1322هـ ـ  . . .
هو الشاعر الفذ المرحوم الأستاذ عبدالمحسن بن ناصر بن عبدالمحسن الصالح , 
ولد في عنيزة عام 1322هـ , حيث استوطنها والده بعد مجيئه إليها من المجمعة موطنه الأصلي .
 تلقى تعليمه على يد الشيخ (فهيد المفلح) وعدد آخر من المشايخ , كما درس خلال إقامته القصيرة
 في المجمعة على يد الشيخ محمد الثميري .
في عام 1348هـ شارك أخاه المرحوم صالح الناصر الصالح (رائد التعليم الأهلي الحديث في نجد) 
في تأسيس أول مدرسة أهلية تسير على النهج التعليمي الحديث كمدرس للصفوف الأولى .
 وفي عام 1356هـ تم تحويل هذه المدرسة إلى أول مدرسة حكومية تحت اسم (المدرسة العزيزية) 
وبقي فيها مدرسا حتى عام 1380هـ , ثم عمل موظفا بإدارة التعليم حتى وصل سن التقاعد عام 1392هـ ,
 وهذا التاريخ يشككنا في صحة سنة ولادته التي نقلتها من كتاب (شعراء عنيزة الشعبيون) 
ولعل هناك خطأ مطبعيا في تثبيتها , لأن التقاعد من العمل الحكومي يبدأ من سن الستين لا السبعين , 
فهل وُلد الأستاذ عبدالمحسن سنة 1332هـ  ؟ .. ربما , وهذا يعني أنه بدأ التدريس وعمره خمسة عشر عاما ,
 وهذا ليس بمستغرب , فقد كان المعلمون في بداية التعليم يعيّنون بعد نجاحهم من الصف السادس ..
 كانوا معلمي ضرورة ! والمدرسة التي مارس فيها التدريس لأول مرة كانت أهلية يملكها أخوه الأستاذ صالح .
قال الشعر في سن مبكرة , ولعل تنقله في مستهل حياته بين قرى ومرابع البادية أكسبه اطلاعا أكثر 
على أشعارهم وعاداتهم , ومعرفة بأيامهم ورجالاتهم .. وقد قال الشعر في مختلف الأغراض ,
 لكن يغلب عليه الشعر التعليمي والاجتماعي , وشعره نوعان : جاد وهازل , ولعل الشعر الفكاهي
 الذي برع فيه هو أبرز ماميزه عن الشعراء الآخرين , والفكاهة في شعره جاءت
 ـ كما يرى مقدم الديوان د. عبدالعزيز الخويطر ـ انعكاسا لروحه المرحة , ولعصره الذي تنفس الصعداء
 بعد الحروب والنكبات , وأصبح يبني ويشيد نهضة حديثة . والفكاهة عنده متعددة الوسائل في شعره ,
 فهي أحيانا في الصورة , وأحيانا في الكلمة , وأحيانا في المفاجأة , وأحيانا في المغالاة  ..
 ومن أمثلة الفكاهة في شعره , قوله :
وإن صار حمارك مزكوم   . .   وإلا خشمه به نعرة
إلى أن يقول :
واسقه حليب به فلفل   . .    واسبيرينٍ يبري ظهره
واطله بالنورة والخضرا   . .   يستملس جلده من شعره
وإلى بغيته سبوق   . .   اسحق حبحر وادح شخره
واما سهى مثل الموتر   . .   ترى عمره لك هدره
ومنها :
أوبالأصالة عن كلي   . .   أرحب فيكم وأهلّي
إلا إلى صرت أصلي   . .   فالحكي شينٍ بالمسجد
ومنها :
ما يِفقد غير الرجالي   ..   اللي يطمح للمعالي
من حرصه على الكمالي   . .    حارب لذاته والمرقد
هذي هِمّات الحرار   . .   من طبعَه تصير كبار
البرّادي على النار   . .   أبرجع لمُّه لا يبرد !
ومنها : 
الرخصة يالربع الرخصة   . .   طاح الثور بوسط الجصة
أباروح أجبّر عصه   . .   واحكّ سنونه بالمبرد !
وكذلك :
أنا التلميذ المشهور   . .   اللي شكله ما يدور
بركة علم وحبر حبور   . .   شفني من زود العلم أضلع
ولعل من أشهر قصائده الفكاهية قصيدة (الديك) , التي مطلعها :
لي ديكٍ زينٍ توقيته   . .   يوعّي النايم تصويته
لولا طيبه ما شريته   . .   بريال وقرش الدلالي
وقصيدة الفلاح , التي مطلعها :
رحت بيوم السيل مسيّر   . .   عازمني فلاحٍ خيّر
يسني هرشينٍ وحْميِّر   . .   والعقايب ثورٍ وأمه
وقصيدة (نفسك خله خفيفة ) التي مطلعها :
نفسك خله خفيفة   . .   لا تجعله كسيفه 
واضحك مع الصحيفه   . .   تبقى مبسوط وطربان 
ومنها :
ترى الزعل للبومة   . .   والفيل أبو زلّومه
والنملة المهمومه   . .   اللي وليده وجعان 
وغيرها الكثير .
أما شعره المدرسي فهو قصائد ومقطوعات تدعو إلى العلم ونبذ الجهل والكسل , 
وتتناول الظاهرة التعليمية في ذلك الوقت المبكر في عنيزة وتفاعل الناس , وخصوصا الصغار منهم ,
 سلبا وإيجابا , مع ذلك المناخ الجديد . وتتخلل كثيرا منه الفكاهة والدعابة المثيرة .
عبدالمحسن الصالح شاعر موهوب , مميز , له لون خاص به , وأكثر نظمه على الطرق
 (الحميداني) الخفيف الذي يناسب الغناء , ويصلح لصياغة المرح . ويرى الدكتور عبدالعزيز الخويطر
 أن شعره ولونه الأدبي تحكم فيهما عاملان رئيسان , هما : طبيعته وثقافته . فأما طبيعته
 فقد رزقه الله موهبة , وقدرة على التحصيل والاستيعاب , وبصيرة ثاقبة , وتمييزا بين طبائع الناس ,
 وحبا للنشاط والحركة , وانجذابا للناس , وحبا للخير , وروحا مرحة ساعدته على نشر أفكاره الخيرة ..
 وأما ثقافته التي صقل بها هذه الطبيعة , فقد توافرت له عن طريق التحصيل المدرسي المنتظم ,
 والقراءة الحرة المطلقة , وخصوصا للشعر الفصيح , وكتب الأدب العربي , ومتابعة الأدب الشعبي  والشعر النبطي .
كان شعره موجها لعموم الناس وللشباب والصبيان خاصة , فهو بحق رائد الشعر النبطي التعليمي الفكاهي ,
 وأسهم إسهاما كبيرا في إحياء سوق الأدب والشعر , وأسهم مع أخيه أستاذ التعليم الأكبر في عنيزة
 الأستاذ صالح , في تكوين منتدى أدبي مسائي , حيث تقام حفلات السمر الأدبية , 
وأظن أني قرأت ذات يوم أن الملك عبدالعزيز حضر إحدى هذه الحفلات , وأُعجب بما شاهد ..
له ديوان مطبوع هو (ديوان عبدالمحسن الصالح) , وجاء فيه ( كُتبت هذه القصائد في الفترة الممتدة
 بين بداية الخمسينات وبداية الثمانينات , حيث توقف الشاعر عن العطاء منذ عام 1382هـ) .
توفي الشاعر رحمه الله إما قُبيل أو بُعيد حرب الخليج , ولا أعرف سنة الوفاة بالضبط ,
 ولعل الزملاء المطلعين يوافوننا بها على وجه التحديد .
رحم الله الأستاذ عبدالمحسن الصالح , فقد كان مؤثرا في الناس أفرادا ومجموعات , 
وله جهود هائلة في إحياء الحركة الأدبية والتعليمية , وله دور بازر في اتجاه الطلاب إلى العلم والأدب ,
 فقد أشاع بشخصيته المتعددة المواهب جوا ثقافيا واجتماعيا صحيين , وهو  وأخوه الأستاذ صالح 
يمثلان علامة بارزة في تاريخ التعليم والثقافة في عنيزة .. رحم الله الجميع .